شبكة قدس الإخبارية

دولة فلسطين: الاعتراف مقابل استمرار الإبادة 

41d7dbc0-6e2b-11f0-af20-030418be2ca5.jpg
عرفات الحاج

اليوم وغدا تعترف مجموعة من الدول ب "دولة" فلسطين، وغالبا سيحتفي جزء من الفلسطينيين والعرب بهذه الانجازات ويتم تعدادها ضمن العداد اليومي للانتصارات التي تحققها قضيتنا-وقضيتنا هذه هي ملحق تافه بحركات التضامن الغربية والجهاز الدبلوماسي للسلطة ونجوم الحالة الفلسطينية خارج فلسطين.

ولعل هذا أفظع ما تواطأت النخب الفلسطينية والغربية على ارتكابه بحق غزة وأهلها، بعد سويعات من بداية الحرب كان الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن يشكل مجلس الحرب الاسرائيلي الذي قاد أبرز فصول حرب الإبادة وبالموازاة يعلن عن المعادلة الحاكمة لمشروع الإبادة، أي الثمن السياسي الذي يفترض أن يتقاضاه الفلسطيني الرسمي والعربي الرسمي مقابل دماء الغزيين متمثلا في خارطة طريق بشأن الدولة الفلسطينية.

وفعلا حين كان ضغط الشارع في بعض البلدان الغربية يدفع ساسة تلك البلاد للنظر في أدوات لامتصاص الحالة، كان الجهاز الدبلوماسي الفلسطيني حاضر ومعه النخب الفلسطيني، المطالب محددة وواضحة نريد اعتراف بالدولة الفلسطينية وسيادة السلطة على غزة ... الخ، ذات ما تسمعونه من في تصريحات رئيس السلطة من أسبوع لآخر.

هذه المعادلة سمحت باستمرار الابادة لمدة عامين بحيث يباد الفلسطينيون في غزة وتمحى أي آثار للحياة الحالية أو فرصة لحياة مستقبلية في فلسطين الفعلية الحقيقية، مقابل وعود بشأن الاعتراف بالدولة، وإعطاء رمق جديد لمشروع  النخب الفلسطينية وسلطتها. 

الحكومات الاوروبية التي لا ترغب اطلاقا  وصوتت تباعا على رفض فرض أي عقوبات حقيقية على اسرائيل، وترفض تقديم اي مساندة للضحايا في غزة او ما يمثلهم سياسيا، من يصيح أوقفوا القتل ويصرخ فوق لحم اطفاله الممزق او يأكل الجوع لحمه وتدوس الدبابات ما تبقى منه، جاء الأوروبي ليخبره أنه سيعاقب اسرائيل اخيرا، بمنح شريكها وشريكهم الفلسطيني "اعتراف بدولة". 

وبينما يعيد القصف تمزيق ما تبقى من أشلاء في غزة، بإمكان النخب الفلسطينية الاحتفاء بما منحه لها سيدها الأوروبي في لحظة يقظته الأخلاقية، لقد منحها الاعتراف بدولتها وكيانها، ذات الدولة المتخيلة التي ينتزع المستوطنين في عالم الواقع كل مليمتر فيها ويحضروا مصير لأطفالها  لا يختلف ابدا عن مصير أطفال غزة، فيما ستواصل هذه النخب تعاونها وتكييف موقعها ضمن "المشروع" اي كانت مراحله.

غزة ومن قاتل معها قاتلت، وقدمت كل هذا لأجل أن يكون للفلسطيني لكل فلسطيني شيء في عالم الواقع، قاتلت لإزاحة المنظومة الصهيونية مؤمنة ان لا حياة ممكنة تحت بسطار الجندي الاسرائيلي، فيما لا زال "المشروع الوطني الفلسطيني" في جوهره الحقيقي هو اختيار موضع في خدمة هذا البسطار والتآمر على من يقاتله . دولة فلسطين التي يعترف بها الأوروبي اليوم هي عدو حقيقي للفلسطينيين وجزء من مشروع ابادتهم وإنهاء أي وجود فاعل لهم في بلادهم خارج مواقع الاستعباد أو العمالة.